مجازر بيئية في أحراج الضنّية.. والحاج حسن يصفها بـ”المُخزية والمُخجلة”
لم يتردد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحاج حسن، خلال زيارته الأخيرة إلى الضنّية في 9 أيلول / سبتمبر الجاري، في وصف عملية قطع أشجار الأحراج والغابات بشكل جائر من قبل معتدين وتجّار حطب وفحم بأنّها “عملٌ مخجل ومخز وضد الطبيعة والقوانين والشّرائع”.
وصف الحاج حسن هذه التعديات على الأحراج والغابات في الضنّية وغيرها من المناطق اللبنانية تحت حجّة حاجة المواطنين إلى الحطب من أجل استخدامه بالتدفئة في فصل الشتاء المقبل، لأنّ شراء المازوت بات متعذّراً على أغلبهم بعد ارتفاع سعر الصفيحة إلى أكثر من 700 ألف ليرة، جاء ردّاً على شكاوى عدد من رؤساء البلديات الذين التقى بهم خلال زيارته المنطقة في مقرّ إتحاد بلديات الضنّية في بلدة بخعون، بعدما أوضحوا له بأنّ حجم التعديات يفوق قدرتهم على التصدّي له ومواجهته.
رئيس بلدية السّفيرة علي خضر حسّون أوضح في مداخلة له حجم الأزمة، متوقفاً عند ما أسماها “مجزرة بيئية” يتعرض لها حرج بلدته السّفيرة للصنوبر البرّي الذي تبلغ مساحته نحو 3 ملايين متر مربع، ويعدّ الأكبر من نوعه في لبنان والشّرق الأوسط، لافتاً إلى أنّ “لا إمكانية للبلديات ولا مصلحة الزراعة ولا مراكز الأحراج وضع حدّ لهذه المجزرة، ونحتاج إلى جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية لمساعدتنا في الحفاظ على ثروتنا البيئية وحمايتها”، مؤكّداً بأنّ بلديته وجميع بلديات الضنّية “ليست ضد تأمين المواطنين حاجتهم من الحطب للتدفئة، إنّما لا يمكن السّكوت عن المجازر البيئية والقطع الجائر الذي تتعرض لها أحراجنا وغاباتنا لأغراض التجارة وتحقيق أرباح”.
شكاوى التعديات على الأحراج والغابات وعدم القدرة على حمايتها إمتد أيضاً إلى عناصر مراكز حماية الأحراج والغابات من الحرائق والتعديات في الضنّية وعكّار، الذين حضروا لقاء الحاج حسن في مركز إتحاد بلديات الضنية، حيث أوضح بعضهم له أنّه “لا إمكانية لدينا للقيام بدورية بسبب عدم تأمين أيّ مخصّصات لنا من المحروقات منذ أكثر من سنتين، وأننا لا نلقى أيّ مساعدة أو دعم من أيّ جهة لهذه الغاية”، مشيرين إلى أنّه “يمكن الإستعانة بعناصر شرطة البلديات واتحادات البلديات في هذه المهمة، فضلاً عن الجيش والقوى الأمنية، لكن الأمر يحتاج إلى إمكانيات وإلى قرار ما يزال حتى الآن غائباً”.
وفي حين لفت رئيس بلدية بخعون السّابق زياد جمال إلى أنّ “إحدى الشّاحنات شوهدت وهي تنقل شجرة لزّاب مقطوعة، برغم أنّها شجرة نادرة ولا تُعطى أي رخصة من وزارة الزراعة لقطعها أو تشحيلها”، شكا عدد من عناصر مأموري مراكز الأحراج من عدم تمكّنهم من ضبط مجازر قطع الأشجار الحرجية، وبأنّ بعض المعتدين شهروا السّلاح في وجههم عندما حاولوا إيقافهم عن متابعة عملهم.
تفهّم الحاج حسن حاجة النّاس إلى الحطب لمواجهة برد الشتاء القارس، دفعه إلى التوضيح قائلاً إنّه “نؤيّد تشحيل الأشجار الحرجية والغابات، ونزع اليباس منها، لكنّنا بالتأكيد ضد القطع الجائر لها الذي يعتبر جريمة بيئية ضد الطبيعة والإنسان معاً”، مشيراً إلى أنّ وزارة الزراعة “سهّلت مؤخّراً على مصالح وزارة الزراعة في المناطق إعطاء رخص تشحيل ضمن القانون والإجراءات المتّبعة”.
وبعدما طرح حاضرون في اللقاء على الحاج حسن أن يقوم الجيش اللبناني بمصادرة أيّ شاحنة حطب تمرّ على حواجزه، ما سيضبط ويخفّف عملية القطع الجائر، كشف بأنّه عقد ووزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين لقاءً مع قائد الجيش العماد جوزاف عون قبل فترة، وبعد مناقشة الأمر معه جرت الموافقة على أن تعطي قيادة الجيش أوامر إلى حواجز الجيش بمصادرة أيّ شاحنة حطب تمرّ على حواجزه لا يحمل صاحبها رخصة قطع حطب من وزارة الزراعة فضلاً عن رخصة نقل، وأنّ هذا التدبير من شأنه أن يُلجم الهجمة والتعدّيات على الأحراج وعلى الغابات التي تضاعفت في الآونة الأخيرة.
عبد الكافي الصمد